الهواجس – الشاعر محمود نقشو

صوت أحمد قطليش

ما أغربَ الشهواتِ حين تمرُّ غيمتُها على قَفْرِ المسافةِ.
أو تثورُ خلالَها
شيءٌ حزينٌ أن تعودَ وقد خَبَا ضوءٌ العميقِ على خطاكَ،
وأن تعودَ وقد رَمَتْكَ الريحُ في أرضِ الهواجسِ..
كي تزيدَ سؤالَها
وأشدُّ من هذا التنهّدِ انّكَ استهديتَ بالأعماقِ..
هذي ضفّةٌ لا تستطيعُ نَوَالَها
ها أنتَ حيٌّ يابسُ القَسَماتِ..
مَيْتٌ تستطيعُ تَلَمُّسَ الجدرانِ في زنزانةِ الباقينَ..
من زمنِ الرمادْ
ها أنتَ والأحجارُ بعضٌ من تفاصيلِ المكانِ..

كلاكما عارٍ سوى من وقتِهِ المحبوسِ في قاعِ
السوادْ
ما أزيفَ الضحكاتِ في هذا الهجيرِ،
وهل أشدُّ من القراءةِ فوقَ شاهدةِ الحَواسِ..
وقد ذَرَتْكَ الريحُ عندَ النبعِ غصناً يابساً لا يستهلُّ مطالَها؟
شيءٌ غريبٌ أن تظلَّ على حيادِ الرملِ..
بين المعبدِ المحروقِ والشفقِ المعلّقِ في سديمِ
الشكِّ..
ترنو للهواجسِ وهي تُحْرِقُ فيكَ أذيالَ الوساوسِ،
ثمَّ تُحْرِقُ (حالَها)!
ما للسؤالِ وما لَها
لقد اهتديتَ وما اهتديتَ..
أَ وجهةٌ تلكَ الحرائقُ أمْ لهذا المستحيلِ دروبُهُ..
فيما تبقّى من مداراتِ اللهبْ؟
ولهُ دروبُ الرحلةِ البيضاءِ حتّى يستهلَّ العالمَ الأبْهى..
ويوقظَ في الحزينِ الحزنَ،
والمكسورَ في هذا القصبْ
يا أيّها الولدُ الشقيُّ المُسْتَلَبْ
ما همّ لو قُضيَ الطريق ولم تصلْ بَعْدُ الإشارةُ،
والخيولُ تَحَدَّرَتْ في شاطئيكَ،
وضعتَ في بعضِ التعبْ؟!
وظمئتَ حتّى لم تجدْ من أخضرٍ يزهو على بعضِ المكانِ،
وما المكانُ سوى تفتُّحِكَ الذي ما غامَ إلاّ وانسكبْ
أسفُ البياضِ عليكَ حينَ تحاولُ الإطراقَ في هذا الذهولِ،
وتقتفي ودَّ الحَبَبْ
ما هكذا قرأ المُريدُ النصَّ..
بعضُ النصِّ أخرجَ بعضَهُ من سَطْوَةِ المألوفِ..
فاشْتَبَهَتْ قراءَتُهُ عليكَ،
وما أظنُّ الدَلْوَ في البئرِ انْقَلَبْ
الحالُ من هذا المُحَالِ،
وأهْوَنُ الأمرينِ أنْ تَرِدّ الغديرَ كحالِكَ الأولى..
كأنَّ الوقتَ في الوقتِ انْسَكَبْ
وتَجَمْهَرَ الصَحْوُ المُريبُ..
فما ترى غيرَ الهدوءِ المُسْتَريبِ..
يُؤَرِّقُ النُدْمانَ في بَهْوِ الصخَبْ
كلٌّ يُحاورُ في الخَفَاءِ شُهودَهُ،
والكلُّ في الكلِّ النتيجةُ والسببْ
ما أزيفَ الضحكاتِ حينَ تكونُ هاربةً من الشفتينِ..
فارسمْ يا غريبُ ظلالَها
فوقَ المرايا مرّةً،
ودَعِ البدايةَ للبدايةِ..
لو أردتَ نَوالَها
إنَّ الشواطئَ لا تملُّ الموجَ..
بعضُ الموجِ صارَ رمالَها.
والآنَ يَعْثُرُ مَنْ يُريدُ السيرَ في هذا السديمِ على القواقِعِ
والعوالقِ،
والكثيرِ من القراءاتِ البغيضةِ فوقَ قبرِ الحاضرِ
الأعمى..
وبعضَ الشاهدِ الباقي على عصرِ الخَواءْ
والآنَ يحملكَ المسيرُ إلى السؤالِ..